الفصل 6
.
.
.
بالنظر إلى اقتراح هاكان،قبلت لوسينا على مضض حليب الأغنام ، ونظرت إلى الخبز في يدها،وأخذت قضمة كبيرة أخرى.
“… … ! “
كان من المدهش أن الجودة والمذاق كانا أفضل من الوجبات المحضرة في القلعة،إلى جانب ذلك أليس حليب الغنم، من الأشياء الثمينة التي تأكلها مرة واحدة كل فترة طويلة؟..
عندما أقيمت مأدبة في قصر البارون،كان الشيء الوحيد الذي يمكنني رؤيته هو حليب الأغنام، رأيتهم يضعون الكثير من حليب الغنم في الخبز الخاص بالولائم حتى لو حاولت تذوقه، لم يكن الأمر بتلك السهولة لأنني كنت في وضع أسوأ من الخادمات… لم تترك أي طعام قدمه لها هاكان وشربت كل قطرة من الحليب المتبقي.
أستطيع اكل المزيد،فلم تكن معدتي ممتلئة بعد،لذا يمكنني تناول الطعام بسهولة حتى لو أعطوني المزيد من الخبز،ومع ذلك، كانت المشكلة أن الكلمات التي كنت سأعبر بها عن رغبتي لم تخرج من فمي،حاربت جوعي فقد كان الأمر محرجاً بالنسبة لي.
“كلِ أكثر.”
سلمها هاكان الجزء المتبقي من الخبز، وترددت لوسينا في قبوله.
“هناك طريق طويل لنقطعه، كلِ جيدا.”
السيدات الأرستقراطيات اللطيفات،اعتقدت دوما أنهن مجرد عاهرات مهذبات يُجدنَ الإغراء،لكن لوسينا بدت بعيدة كل البعد عن هذه النوعية… بالطبع ، كانت هناك بعض الجوانب التي تثير الشك،ولكن لم تكن هناك حاجة للتسرع في الحكم، لأنك حتما ستعرف طبيعة الشخص إن عاشرته وعشت معه.
” عندما نصل إلى القصر، ستكونين قادرةً على تناول طعام يليق بذوقكِ، فتحملي”.
طعام! أي طعام؟…… كان عليا أن أكل اكثر،فبالنسبة لي الطعام الأكثر لذة الذي أكلته في حياتي كلها هو هذا الخبز وحليب الأغنام الذي تناولته الآن،لكن هل يمكنني حقا أن أكل طعامًا أفضل من هذا؟هل كانت الشائعات حول الـ تيار صحيحة؟..
الشائعات تقول أن الـ تيار جنس غير متحضر، لذلك عندما يصطادون يشربون دم الوحوش ويأكلون لحمها،وهذا ليس كل شيء ، قالوا ايضاً إنهم أناس همجيون غزوا البلدان المجاورة للنهب والاغتصاب ، وأنه كان مكانًا جهنميًا حيث كان السحر الأسود منتشرًا.
لكن الآن كنت في حيرة من أمري بشأن ما هو صواب وخطأ، حتى لو نظرت إلى رجال هاكان،قد يبدون شرسين ، لكنهم كانوا مهذبين بشكل مدهش،لم يكونو فظين مثل فرسان القلعة،ولم يقومو بأي تصرف مسيء أمامها، ولم يتكلمو معها بوقاحة، ظننتُ انني أعرف الكثير من الأشياء عن الـ تيار،لكنني اكتشفت اني لا أعرف شيئًا البتة.
“مرحبًا،كيف تبدو ارض تيار؟”
نظرت لوسينا في عيني هاكان وسألته بهدوء.
قد تبدو له لهجتي مزعجة،أو ربما سألته سؤالا في غير محله او ببساطة سيكره ذلك مني،لكن كان من الجيد أنه لم يصفعني أو يلف عيني بقبضته عندما سألته.
“… … ؟ “
فوجئ هاكان بسؤال لوسينا.
عادة، النساء عندما يتم اجبارهن على الزواج ويُأخذن كرهائن، يصرخن، أو يبكين، أو يمرضن،وفي أسوأ الأحوال، يموتن في الطريق، لكن بدت لوسينا فضولية أكثر منها خائفة.
همم، من أين أبدأ في الشرح؟بسبب النقص الكبير في عدد النساء لذى شعب الـ تيار، كان من الشائع أن يبحث الرجال عن عرائس من خارج القبيلة، في بعض الأحيان يدفعون المال لشراء الزوجات، وعندما ينتصرون في الحرب ، فإنهم يأخذونهن كرهائن،على الأقل ، فضلت العائلات الثرية أو النبلاء الزيجات السياسية بدل العلاقات خارج نطاق الزواج،لم يكن الـ تيارين مختلفين كثيرًا عن الممالك الأخرى.
“إنها مثل الجزيرة،التي تعوم لوحدها في عرض البحر ، لذا لا يذهب الناس إلى هناك … … . “
“مكان مثل الجزيرة؟ هل يعني ذلك أنه مكان منعزل ووحيد؟..؟
بدت لوسينا محقة في تفسيرها.
فقد فقدت عيني هاكان قوتهما وحدتهما المعهودة،وبدت نظراته منعزلة قليلاً.. تساءلت ماذا لو تراجعت عن ما تريد قوله، لكن فضولها لم يتضاءل،على وجه الخصوص ، كانت أكثر فضولًا بشأن ما سيكون عليه حالها هناك،فلقد تزوجته فجأة ، لكنها لازالت تشك ما إذا كان ذلك حقيقيًا ….
قررت أن تسأله.
“ماذا سأفعل هناك؟”
كان هاكان قلقا بشأن ما سيقوله للوسينا وهو ينظر في عينيها.
بدت له قلقة بشأن رد فعله حتى عندما طرحت عليه السؤال، تظهر هذه العادة عادة لذى الخادمات والعبيد الذين يسيئ أسيادهم المتعجرفين معاملتهم.
أمالَ هاكان رأسه نحو لوسينا،وهو يتسائل، لماذا يصعب عليها الكلام؟بدأ الأمر يَلفت انتباهه،وأصبح من المشكوك فيه تسميتها بالسيدة الارستقراطية.
“يمكنكِ اللهو،وتناول الطعام ، والنوم ، وتربية الأطفال.”
أعطى هاكان إجابة ضمنية للغاية.
للوهلة الأولى ، بدا الأمر لا يصدق.
هي ستأكل وتلعب وتنام وتربي الأطفال؟ الن تعمل؟ لكن ماذا يعني بطفل؟…
يا لها من حياة مريحة! ما هذا؟ لم أتوقع ذلك ، لكن الزواج منه لم يكن سيئًا للغاية، بالطبع ،عليها أن تعيش هناك وتختبر الأمر لتتأكد من ذلك، ومع ذلك ، لا يبدو أنه كان يخدعها،فعلى الرغم من أنها لم تكن تعرفُ هاكان جيدًا ، إلا أنه لم يكن يبدو عليه أنه مخادع دجال. إنه من النوع الغامض،لكنها متأكدة من أنه جدير بالثقة.
لكن تربية طفل!! يجب الإستفسار عن هذه النقطة بدقة.
“طفل من علي تربيته؟”
“… … ! “
حدق هاكان في سؤال لوسينا وأمال رأسه جانباً.
أين حدث الخطأ؟هو متزوجٌ من لوسينا،لكن هل هي الآن تتعامل معه باستخفاف؟أو ربما هي لا تعرف معنى الزواج؟ آه! هذا لا يبدو معقدا!،ليس الأمر أنني نشرت بطانية سميكة على الارض من أجل لا شيء،وايضاً لماذا رجالي بعيدون جدا عني؟لقد كان ذلك طبعا لأن لوسينا لديها ما تفعله معي عندما تنتهي من تناول الخبز.
“لوسينا ، كم عمركِ؟”
سألها فربما لأنها ما زالت صغيرة ً فهي لا تعرف.
إلى جانب ذلك ، كانت لوسينا قصيرة الطول وضعيفة البنية ، لذا بدت صغيرة جداً مع ذلك،هو يتمنى ان تكون قد تجاوزت الخامسة عشرة من عمرها… لقد أرادو جعلها ملكة لبريون،لذا لا يمكن أن تكون أصغر.
“عـ… عشرون سنة.”
عشرون؟
كان من المدهش أنها كانت لاتزال عذراء عزباء في هذا السن،ففي جميع الممالكِ تتزوج النساء في سن الخامسة عشرة ، وبحلول سن العشرين كان يكون لديهن طفلان أو ثلاثة أطفال على الأقل،إلا أنه كان هناك شيء آخر فاجأ هاكان اكثر،فعلى الرغم من أن لوسينا قالت إنها كانت في العشرين من عمرها ، إلا أنها لم تكن تبدوأبدًا في هذا العمر،فقد بدت في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمرها على اكثر تقدير.
إذا كان عمرها 20 عامًا، فلا يتعين عليه شرح الأمور لها،ولكن بالطبع لا يعني تقدمها في السن أنها ستعلم كل شيء،على أي طالما تم اختيارها كزوجة لملك بريون،لا بد أن والداها كانا يعتزان بها كثيراً،وربما افرطا في حمايتها كزهرة ثمينة في أصيص،وهذا ربما يفسر الكثير.
‘ كم عمر الملك العظيم ياترى؟’سألت لوسينا نفسها، فمنذ ان تم طرح موضوع العمر،شعرت بالفضول أيضًا بشأن سنِ هاكان.
هي تعتقد أن عمره كان حوالي سبعة وعشرون أو ثمانية وعشرون،لكن لم يكن لديها الشجاعة الكافية لأن تسأله عن عمره مباشرة.
“الزوجة هي شخص يمكنها التواصل مع زوجها باسمه،لذا ناديني هاكان “.
“… … ؟ “
التزم بعدها هاكان الصمت.
إذا كان يريد أن يخبر لوسينا عنه، لا،إذا كان يريدها أن تفهمه،فعليه ان يشرح لها عن شعب تيار اولاً،فإذا لم تكن تعرف شيئًا عن شعب التيار، فلن تتمكن أبدًا من فهم مايريدها ان تعرفه.
“هل أكلتِ؟”
“نعم… … . “
“فالتقومي.”
عندما وقفت لوسينا خائفة مثل شخص محترق ، نشر هاكان البطانية على نطاق واسع، في بعض الأحيان ، هناك أوقات يكون فيها إجراء واحد أسرع وأكثر دقة من التفسير،والعلاقة الزوجية واحدة من تلك الأمور.
“هيا بنا.”
وبينما كان يتحدث وهو ينظر إلى البطانية الواسعة التي نشرها على الارض ، نظرت لوسينا حولها كالممسوسة؛ كان الوقت متأخرا من الليل، لذا فقد حان وقت النوم،لكن أين يجب أن تنام؟ ثم رأت شجرة كبيرة من بعيد وأشارت اليها.
“أنا هناك … . “
بالطبع،سوف ينام هاكان على البطانية ، لذلك وجدت مكانًا لتنام فيه وحدها،لكن! تعبيره كان سيئا للغاية،وعلى عكس ما سبق، بدا منزعجًا قليلاً وكانت عيناه شرسة.. أشارت نظرته إلى البطانية وقال:
“استلقي “
حتى ذلك الحين ، لم تفهم لوسينا الموقف، بدلاً من ذلك،فكرت انه قدم لها الكثير من الطعام اللذيذ، ولم تكن تعرف ماذا تفعل معه وهو يحاول أن يمنحها سريرًا.. ولكن نشأت لذيها مشكلة أكبر!!..لماذا يخلع هاكان درعه؟ إنه أمر غريب!، عندما تساءلت عن السبب،ومض الجواب في رأسها كالصاعقة.
‘أكان يعني بذلك النوم معا! …
في الواقع ، لم تكن لوسينا جاهلة تمامًا، حتى عندما عاشت في القلعة ،كانت تدرك جيدًا ما يفعله الفرسان والخادمات في الزوايا المظلمة، ومع ذلك ،لم يكن شيئًا ستسمح بحدوته لها هناك حتى لو قتلوها.
لكن هذا الموقف الذي هي فيه بالتأكيد ليس عن أشخاص اخرين بل عنها، بالطبع ، لم يكن زواجًا بإرادتها أو لأنها تحبه، وهذا ليس المانع لكنها كانت خائفة من انتهاك ليلتها الأولى بهذا الشكل.
‘هل أهرب؟.. كان قلبها ينبض بقوة كمن يحثها على الهرب، لكن ساقي لوسينا لم تتحركا على الإطلاق ، كما لو كانتا ملتصقتين بالأرض… أرتجفت بلا حول ولا قوة كورقة في مهب الريح.
“استلقي.”
“نعم.”
ردت لوسينا بصوت مفعم بالتوتر واستلقت على الفور.
الخوف من أن يُقبضَ عليها او تُضرب، أو تُقتلُ إذا قالت لا،أكبر من إرادة الهروب لذيها.
هل قام بحشوها بالطعام لهذا؟مثل الذئب يحاول أن يُسمنَ الخروف قبل أن يأكله.
عندما استلقت لوسينا، وضع هاكان يده على خدها،كان من الممكن أن يكون ملمسه جميلًا بدون الزينة الثقيلة، لكن كان من المحبط بعض الشيء أنه لم يتمكن من رؤية وجه لوسينا الحقيقي لأنها طبقت مسحوقًا سميكًا على بشرتها.
“لا تخافي،أنا لا أحاول قتلكِ “.
جملة رددها مرارا،ربما لأنه شعر أن لوسينا ترتجف.
ومع ذلك ، لم يكن لديه أي نية للتوقف..كان من الواضح أنه رجل وكانت هي زوجته،وعلى الرغم من أنه لم يفرض نفسه على امرأة في حياته،لم يكن لديه سبب للتردد بشأن لوسينا،لأنها ببساطة ليست غريبة أو عاهرة،فبعد أن تعاهدا بقبلة كقسم زواج، أصبحت هي امرأته.
بالطبع،هذه ليست خطوة مني للوقوع في حبها،فأنا لا أعرف حتى ما هو هذا النوع من المشاعر، ولست في وضع يسمح لي بالحديث عن الحب، قبل كل شيء ، من غير المعروف كم من الوقت يمكن أن تتحمل لوسينا، لذلك ليس من السهل منح المشاعر.
إذا نظرت إلى التاريخ السري لعائلة تيارالملكية،فستجد انه يُقال إن الملوك السابقين عاملو زوجاتهم بلا مبالاة،فهم لم يكونو يعرفون هل سيكون بإمكان زوجتهم التحمل او انها ستموت في النهاية…لذا فالحب بالنسبة إليهم يأتي بعد الولادة وقبل الزواج.. كانت هذه العادة مشددة في الطبقة الحاكمة،وتقل مع نزول مكانتك كشخص، ومع ذلك،ونظرًا لأنهم كانو بشرا أيضًا،فلن يكونوا جميعاً قادرين على الالتزام بالقالب المتعارف عليه،وحيت يعيش الناس، لا بد أن تكون هناك استثناءات.
تزوج هاكان للتو وأصبح لديه زوجة ، لذا فهو مخلص لهذه العملية، لكن يبدو أنه لا يوجد حد لغرائزه، أراد أن يلمس لوسينا منذ اللحظة التي كان فيها بجانبها،لا، لقد احتاج إليها لتفجير رغبته المحمومة..
‘أنا خائفة.’
كانت لوسينا خائفة من حجم هاكان الهائل. هي لن تكون قادرة على التنفس بين تلك الأكتاف العريضة والصدر الصلب وسيسحقُ جسدها الغض تحته حتى الموت دون أن تصدر عظامها أي صوت، عندها فقط عرفت من هو الطفل الذي قال ان عليها تربيته.. ولكي يسير هذا هذا الزواج على المسار الصحيح عليه ان يمر بمرحلة شبيهة بما سيحصل للفول السوداني لو حُمصَ بصاعقة برق…
دفن هاكان وجهه في رقبة لوسينا.
“… … ! “
عندما لمست أنفاس هاكان الحارة بشرتها ، جفلت لوسينا بشكل لا إرادي،كان يداعب عنقها ببطء.
لم تكن تتوقع أن يحترق جسدها بفعل عضه جلدها الرقيق بشفتيه وكأنه يختمه بختم من نار، لكن لوسينا كانت صلبة مثل قطعة من الخشب.. لا، لقد اعتقدت أنه كان هنالك زلزالًا بسبب قوة اهتزاز جسدها.
“تنفسي.”
همس هاكان في أذن لوسينا مداعبا.
يعرف الذئب كيف يُهدأ الخراف قبل أكلها، لذا قريبًا سيكشف عن انيابه الحادة ليلتهمها بوحشية.
بعدها،ماذا!!… قال لي أن أتنفس ، ففعلت ، لكن ذلك لم يجعلني أقل توتراً أو أقل خوفاً.
“لم نبدأ حتى الآن.”
.
.
.
نهاية الفصل السادس.
.
.
ترجمة/انفاس الفجر&Nirach
التعليقات