Predatory Bride
الفصل12
وجد توران هاكان بسرعة.
كان ملكه ينقع جسده وسط مياه المسبح المفتوح على الهواء الطلق،فمن المعروف انه عندما يعود من حملاته كان يقضي بضع أيام في الاسترخاء والاستحمام، كان الأمر اشبه بطقس مقدس.
“جلالتك”.
تصاعدت سحب البخار في الجو، وانبثقت رائحة الكبريت من جميع الجهات، تدفقت المياه الساخنة دون توقف من تمثال التنين الأسود ، وتدفق الماء البارد من تمثال التنين الأبيض، بغض النظر عن مدى صعوبة المعركة ، إذا عدت إلى تيار ونقعت جسدك في مياه هذا المسبح ، فسوف يختفي التعب بسرعة.
“توران ، هل أنت هنا؟”
أردت أن أطلب منه العودة إلى المنزل والراحة مع عائلته ، لكن قبل ذلك ، كان علي أن أقدم له بعض التعليمات، لهذا السبب استعديت توران قبل ان ينزع ملابس خدمته.
“هل تحتاجني؟”
“هل أرسلت جيشًا إلى منطقة بيرج؟
“أجل.”
“أعطهم الأمر بالتراجع.”
“ماذا؟”
سأل توران بصدمة، فهو يعرف ان أولائك هم من حرضو المماليك المزيفين على مهاجمة موكبهم، لكن لماذا يتراجع عن معاقبتهم؟! وايضا،لم تكن هناك حالة كهذه في تاريخ التيار،أوليس هاكان من يقطع رؤوس اعدائه ان تجرئوا فقط على النظر اليه ؟ لكن هذه المرة بدت له تعابير وجه هاكان معقدة للغاية.
” هناك العديد من الفرص لمعاقبتهم، لكن الآن ، هناك شيء أريد التحقق منه،لذا تأكد من ارسال شخصٍ موثوق لأداء هاذه المهمة “.
“هل يتعلق الأمر بالسيدة لوسينا؟”
“اجل.”
شك هاكان في هوية لوسينا الحقيقية، وفي كونها سيدة نبيلة،بدايةً لم يولي بالا للموضوع ،ولكن خلال سفرهما معا، أصبح يشكُ في الكثير من الأشياء.
“اريد ان اتحقق مما إذا كانت لوسينا الإبنة الحقيقية للبارون بيرج،وأيضا كيف نشأت هناك”.
ربما هناك خدعة في الأمر،ولسبب ما ، كان لديه شك في أن لوسينا قد لا تكون سيدة نبيلة، كان هناك العديد من التصرفات المحيرة البعيدة كل البعد عن تصرفات السيدات الأرستقراطيات، فليس من الطبيعي شعورها بالحرجِ الدائم وبالخوف من الناس بهذا الشكل المبالغ فيه ،لكن من الصعب الجزم ان كان هذا بسببِ تعرضها لسوء المعاملة او شيء اخر.
[أه، كنتُ مخطئة، أرجوكَ لا تضربني!]
قبل كل شيء ، كان من الغريب أن تنحني لأي شخص كما لو كانت مجرمة،فلو كانت حقا سيدة أرستقراطية نبيلة ، فلا يمكن أن تفعل ذلك،وأيضا ، كانت ردة فعل لوسينا غريبة عندما قلت أمامها بأني سأدمر قصر ملكية البارون بيرج.
[سكان الإقليم أبرياء …لماذا؟]
عادة،يكون الشخص قلقا على أمه وأخيه ،ومن الطبيعي البكاء والتوسل لإنقاذ العائلة اولا،ولكن! لوسينا كانت قلقة بشأن الأشخاص الغرباء!! .
ربما لديهم ما يخفونه عني.
“امركَ،سأرسل شخصًا إلى أراضي بيرج حالاً “.
في الواقع ، اعتبر توران قرار هاكان بالزواج من لوسينا قرارًا متسرعًا، ولم يستسغه كون لوسينا محضية لملكِ بريون. لقد كان من الخطأ الزواج منها لمجرد رغبته في إذلال ملك بريون ومنحه احساساً بالهزيمة،ومن الأكيد ان هاكان سيندم، لأنه أحضر امرأة لا ترقى إلى مستوى التوقعات كرفيقته.
“أيها الملك العظيم،هل أنتَ نادم؟ ”
أراد توران معرفة ما بقلب هاكان. بصراحة ففي اعتقاده ، لم تكن لوسينا كافية لتكون زوجة هاكان وملكة لـِ تيار، بالأخص لأنها ليست جميلة، ولاتملكُ أيا من مقومات الجسد الصحي، كانت غير ناضجة وهزيلة دون أي ميزات خاصة.
سيضطر للقيامِ بمزيدٍ من التحقيقات للتأكد من أصل لوسينا ، ولكن إذا لم تكن ابنة البارون، عند إذٍ لن يتردد في قتلها على الفور،طبعا سيكون إذنُ هاكان ضرورياً ولكن! …أليست جاريت أفضل بمئة مرة ومناسبة له اكثر؟.
“نادم؟ لقد كان القدر هو من جعلني اختار لوسينا،لا أعرف إلى متى ستستمر علاقتي بها،لكنني حتماً لست نادماً على هذا الاختيار، أنا فقط أريد التأكد من بعض الأشياء “.
حتى هاكان كان يعرف ما يعنيه توران من السؤال الذي طرحه عليه، لكنه لم يرد إخباره بالحقيقة كاملة،فالسبب الأكبر الذي جعله يختار لوسينا كان عينيها،لقد فوجئ جدًا حين رأى فتاة بعيون واسعة مثل سماء ليلٍ تتساقط منه النجوم، لقد ذكرته بتلك الطفلة التي ابتسمت له بوجه تملئه الندوب.
ومع ذلك، هو ليس متأكدًا من أن لوسينا هي نفسها تلك الفتاة من ماضيه،و بعد التفكير هو ليس لديه أدنى شكٍ في أن الإثنتين شخصانِ مختلفان تمامًا،فتلك الفتاة الصغيرة كان لديها شعر فضي يشبه ضوء القمر، على عكس لوسينا،وإذا اضطرر إلى البحث عن أوجه التشابه بينهما،فستكون بالتأكيد نفس العيونِ والتعبيراتِ الحزينة.
“توران ، هناك شيء آخر يجب البحث بخصوصه.”
“ما هو؟”
تردد هاكان في الكلام،لكن! نظرًا لأن الذكرى التي ظلت في قلبه طوال هاذه السنين قد أججت فضوله الآن فهو يرغب في العثور عليها.
“هل تتذكر اختفائي قبل عشر سنوات، بعد أن تعرضت لإصابة خطيرة في معركة مع القتلة؟”
“كيف يمكنني أن أنسى ذلك اليوم الرهيب؟”
تغيرت تعابير وجه توران وبدا كمن تذوق شرابا مُرًا… فقبل عشر سنوات ، استأجرت عدة ممالك في القارة قتلة تنانين لمهاجمة ارض الـ تيار،ولكن وعلى الرغم من أنهم من نسل تنانين وليس لديهم ما يخشونه في هذا العالم ، إلا أن مجابهة اولائك القتلة لم يكن أمرا سهلاً على الإطلاق… لقد كانو مجموعة من قتلة التنانين المخضرمين الذين يسمونهم المماليك العدو اللذوذ لنسل التنانين،ونقطة تفوقهم تكمن في استخدامهم للسحر الأسود، الذي يجعل التيارين شبه عاجزين عن استعمال قواهم كاملة وهذا يجعل مسألة مجابهتهم أمرا صعبا جدا…وبسبب هذا، قُتل العديد من جنود التيار ، وحتى الملك السابق مات أثناء تلك المعركة معهم.
“مزقت سهامهم السوداء جناحي،ودفعتني الرياح إلى غابة مجهولة،عرفت لاحقاً أنها تابعة لأراضي مِلكية بيرج “.
“هل تحاول العثور على الشخص دو القوى المقدسة الذي شفى أجنحة الملك العظيم؟ سمعت أنها كانت طفلة في العاشرة من العمر؟ ”
“أجل، لكنها الان ستبلغ من العمر تسعة عشر أو عشرين سنة ، كانت لذيها آثار ضرب ونذوب على وجهها وكان مظهرها رثا، رغم ذلك كان لديها شعر وعيون فضيه تميزها لأنه ليس من الشائع أن يكون لذى الناس مثل هذا الشعر الفضي المثالي ، لذا ابحث عنها،ففي الغالب ستكون ابنة أُناسٍ من عامة الشعب أو أحد العبيد،لذا تأكد من أن تبقى على قيد الحياة عندما يغزو جيشنا ارض بيرج لاحقاً “.
“أنتَ إذا بحاجة إلى قدرة تلك الفتاة .”
لم يجب هاكان على هذا السؤال.
قدرات الفتاة مميزة ومرغوبة حقاً، لكن لو كان هذا هو هدفه لكان أحضرها إلى هنا منذ عشر سنوات،فليس من العدل ان يكافئها بإبعادها عن أهلها بعد ان ساعدته، لذلك هو يريد فقط التأكد من سلامة الفتاة وعائلتها في حالة حصل وتم القضاء على مِلكية البارون بيرج لاحقاً، لذلك هو امر بالتحقيق في أمرها، دون أي نوايا اخرى.
*
بقيت لوسينا في قصر صغير،وقد قيل لها انه لا يمكنها العيش في القصر الملكي إلى بعد ان تصبح زوجة رسمية وفق قانون الـ تيار، ولا يمكنها ان تصبح ملكة إلا إذا أنجبت سليل الملك العظيم،ومع ذلك ، كان لا يمكن إنكار أن لوسينا كانت امرأة الملك المختارة ، لذا كانت نساء الحاشية مهذبات للغاية معها.
“اسمي تيتي،وسأخدم سيدتي لوسينا من الآن فصاعدًا “.
كانت هناك خادمة واحدة مخصصة للوسينا لأنها لم تصبح الملكة الشرعية بعد.
بالطبع، كان هناك العديد من الخادمات في الجناح ، ولكن لم يكن هناك سوى تيتي لخدمة لوسينا بشكل مباشر،مع هذا لم يجعل ذلك لوسينا تشعر بالسوء او تتذمر.
لقد احبت كثيرا السيدة السمراء الجميلة التي كُلِفت بخدمتها،كان صوتها الحنون وتصرفاتها البريئة معها في منتهى اللطف ،ولقد أحبتها أكثر لأنها بدت في نفس عمرها،فلو كانت ناضجة مثل خادمات شرف جاريت المتأنقات والجميلات لشعرت بالعبء على قلبها وعدم الارتياح.
” شكرا.. …يمكنكِ الذهابُ تيتي… “.
“سيدة لوسينا، ، يجب أن تستحمي أولاً.”
من وجهة نظر تيتي ، كانت لوسينا في حاجة ماسة إلى الاستحمام.
بدت لها متعبة جدًا،وشكلها فوضوي، بالإضافة إلى تلك البقعِ المزعجةِ على وجهها ، فإذا لم تكن بسببِ الجذري فستشعر بتحسنٍ كبير اذا استحمت وسيساعدها ذلك على الاسترخاء .
“تيتي ، الماء الذي رشه عليّ الكاهن … …”
بالحديث عن ذلك، كانت لوسينا تشعر بالفضول بشأن المياه المقدسة.
وتسائلت عن طبيعة الماء الذي جعل تلك الصبغة السامة تتحلل؟ بالإضافة إلى ذلك فقد شعرت أن البقع الحمراء قد هدأت كثيرًا،ورغم انها لم تنظر بعد لوجهها في المرآة إلى أنه يمكنها الجزم بذلك من خلال لمس بشرتها التي شعرت بأن ندوبها تلتئم.
“إنها مياه الينابيع الساخنة،فمياه تيار مختلفة تمامًا عن الأماكن الأخرى. ”
“أنا احتاج… … ”
“تريدين استخدام مياه الينابيع المقدسة؟”
عند سؤال تيتي ، أومأت لوسينا برأسها مؤكدة.
هي تحتاج هذا الماء أكثر من أي شيء آخر الآن،ولا يهم إذا كانت مياه الينابيع الساخنة مقدسة،فهي تتمنى لو تستطيع العودة إلى شكلها الأصلي بدل هذا المظهر البغيض..
لكن تعابير تيتي كانت غريبة ومحيرة!!… لماذا هل هذا غير ممكن؟ تسائلت لوسينا وهي تنظر إلى فم تيتي، لم تستطع إبعاد عينيها عنها وهي تترقب ماذا ستقوله.
“سيدة لوسينا، لا يمكن استخدام تلكَ المياه إلا من قبل شخصين فقط في القصر.”
“شخصان؟”
إذا أحدهما سيكون الكاهن،والشخص الاخر بالتأكيد سيكون هاكان.
كما لو كانت تيتي تقرأ أفكارها،فتعبيرات وجهها كانت تقول نعم هذا صحيح.
“لا يُسمح لأي شخص آخر غير الكهنة، والملكِ العظيم باستخدام مياه تلك الينابيع الساخنة المفتوحة على الهواء الطلق، حتى ان الكهنة لا يدخلون إليها مباشرة، فقط يجلبون الماء منها ولا يمكنهم الاستحمام فيها “.
عند الحديث عن الينابيع الساخنة ووجودها في الهواء الطلق ، فهذا يعني أنها ليست بعيدة عن القصر حيث يقيم هاكان،لذا سواءً كانت مياه مقدسة او مجرد مياه ينابيع عادية فلا يمكن لها حتى ان تحلم بها،وقرار المجازفة امر يصعب عليها اتخاده، فأخر مغامرة قامت بها كانت قبل عشر سنوات عندما هربت من قصر البارون.
عند هذه الذكرى شعرت لوسينا بنفس إحساس اليأس البغيض الذي انتاب قلبها في ذلك الوقت.
دون وعي منها أدارت رأسها نحو المرآة البرونزية الكبيرة لترى انعكاس صورتها فيها.
‘ألا أبدو كشخص مريض في أعين من يراني؟’ فكرت لوسينا بحزن،فبغض النظر عن طول المدة التي عاشتها دون أن تهتم بمظهرها، إلى أن حالتها الآن كانت حقًا الأسوأ.
“هل يجرؤ شخص مثلي على الإستحمام في مياه الينابيع الساخنة؟”
تمتمت لوسينا لنفسها لكنها سرعان ماهزت رأسها بإنكار.
لا، لا يمكنها ذلك، فكيف لها أن تقتحم ممتلكات هاكان بلا خوف بمجرد وصولهم إلى تيار!… لا، هي لا تجرؤ على فعلها… ،لذا فلتجرب طريقة أخرى.
“هل يجب أن أطهرها؟”
كانت هذه هي الطريقة الوحيدة امامها.
فقد يتحسن وجهها بمرور الوقت ، لكن ماذا عن شعرها؟ حتى الآن ، الكلمات التي قالتها جاريت مازالت عالقة في أذنيها،وهي تسألها إذا كان الذي يسيل من رأسها دماً،لقد اعتقدت هي وحاشيتها من النساء انها مصابة بالجذري ونظرن إليها باشمئزاز.
ولكن أليست هذه مجرد أعذار واهية؟إنها فقط تقدم تبريرات سخيفة لإقناع نفسها بأسباب غير حقيقية، فسواءً استخدمت المياه المقدسة او قدراتها الشفافية ،فلم يكن هناك سوى سبب واحد لرغبتها في العودة إلى شكلها الأصلي.
“أريد أن أثبتَ أنني لم أكذب، وأن أبدوا جميلة”.
أرادت أن تظهر أمام هاكان بهيئة أكثر جمالًا.
صحيح،هي لا تستطيع الحلم بأن تصبح بجمال مثالي مثل جاريت ، لكن على الأقل هي لم تعد ترغب في إظهار وجهها القبيح أمامه لفترة أطول.
“أنا لا أكره هاكان”.
لقد أدركتْ ذلك بالفعل عندما دق قلبها مثل أجراس الكنيسة وهي تراه أمامها واضحاً وسط الضباب الذي لف محيطها قبل أن يغمى عليها، في تلك اللحظة ،حلُمت ان تصبح زوجة مثالية،واعتبرت زواجها كفرصة ثمينة، وتمنت ألا تكون حياتها سيئة بعد الآن وأن تعيش مستقبلا مشرقا يزهر بالورود والسعادة .
لذا، ماذا لو استخدمت قدرتها مرة واحدة فقط على نفسها، هل سيحدث شيء كبير؟ على العموم لا أحد سيعلم بهذا،وأيضا هي في كل الأحوال غير مسموح لها بالإستحمام في مسبح هاكان، ولن تجازف بالذهاب هناك لأن هذا يشعرها بالخوف.
حسناً، اعتماداً على الظروف، فهناك حالات لا يمكن فيها تجنب الأمر، وفي حالتها سوف يستغرق الموضوع ثلاثة أشهر حتى يعود شعرها إلى لونه الطبيعي،أما وجهها فسيتطلب شفائه بشكل كلي بضعة أيام أخرى، لكن المشكلة كانت أن قلبها لم يكن سعيدًا بهذا.
“آه! وجهي يؤلمني …وشعر رأسي أيضا يُؤلِمني “.
لم يكن هذا شيئا تريد لأي شخص سماعه، لكنها احتاجت لقولِ ذلك بصوت مسموع، وعلى أي تيتي كانت قد غادرت الغرفة قبلها بالفعل.
هي فقط ستُطهر نفسها لأن هذا يؤلمها،فبهذه الطريقة ستشعرُ بذنبٍ اقل اتجاه إساءة استخدامِ قدراتها.
بعد ان أقنعت نفسها بطريقتها الخاصة ، نظرت لوسينا حولها مرة أخرى، لأنها لم تُرِد ان يراها أحد وهي تعالج وجهها وشعرها… اقتربت اكثر من المرآة البرونزية الموجودة على الطرف الآخر، وفي تلك اللحظة طار طائر صغير فوقها وضرب رأسها.
“أوه؟ طائر القرقف!؟ “.
“إذا كنتِ ستستخدمينها بلا مبالاة بهذه الطريقة ، فسوف تندمين على ذلك لاحقًا، فلا يمكنكِ استخدام هذه القوة إلى عندما تكونين في حاجة إليها حقًا “.
الطائر يتحدث كيف حدث هذا بحق الجحيم!! لكن لسبب ما ، كان صوته الطفولي مألوفًا جدًا… ها … .
“بوكا؟”
نهاية الفصل الثاني عشر.
/Nirash/ترجمة /انفاس الفجر…
دمتم بود♥️

التعليقات