زوجة المفترس.
Predatory Bride
الفصل 16
Chapter 16
قد تكون لوسينا ضعيفة، لكنها في المقابل فطنة وسريعة البديهة، ربما لاتعرف جميع الأسباب التي جعلت هاكان يهرع للزواج منها، لكن الاحتمال الأكبر وأهمها كان هو إذلال ملك بريون،ربما لذلك قَبِلَ عرض البارونة التي كانت مستعدة للتضحية حتى بابنها بيرين، خوفا من الموت على يد هاكان ،على أية حال ، لم يكن هذا ما أرادت معرفته من توران.
‘هل صحيح أن هاكان أحب امرأة تدعى جاريث منذ الطفولة؟ وهل ما زال يفكرُ فيها؟.’
رغبتْ في طرحِ سؤالها هكذا ، لكنها لم تجرؤ على القول لأنها ستتلعثم بالكلام بمجرد فتحِ فمها،سيكون الأمر محبطاً لكليهما، فهي غالباً ماتفقد صلة الوصل بين الكلمات أثناء التحدث،لكن! وعلى الرغم من معضلتها هذه،وبما انها قررت السؤال، أرادت أن تشير إلى هذه النقطة.
“أتساءل عما إذا كان هاكان، يحب جاريت … … ؟ ”
تحدثت لوسينا بأكبر قدر ممكن من الوضوح وبأقصى ماتستطيع ، نظرًا لأن توران هو أقرب صديق لهاكان، وقد قال لها سابقا أنهما معا مند فترة طويلة، فإنه سيعرف أفضل من أي شخص آخر، لذلك كانت تأملُ أن يقدم لها إجابة واضحة.
“… … ! ”
تفاجأ توران بسؤال لوسينا.
إعتقد حقاً أنها غير مهتمة برَجُلِها بتاتا ، لكنها في النهاية كانت امرأة، حسنًا ،كونها امرأة فلابد انها قد طورت حاستها السادسة وتعرفت فورا على غريمتها.
حاول هاكان جاهدًا عدم ارتكاب الأخطاء ، وطلب منه النصيحة بشأن أمور النساء، بالطبع ، كانت النصيحة الأهم هي كيف تقضي ليلة جيدة مع امرأة.
لكن ألم تسر الأمور على ما يرام؟ كان من غير المتوقع أن ترتعش عيون لوسينا، كانت تبدو دائما خائفة جدًا من هاكان ومرعوبة مثل غزال يطارده صياد،لكن الآن يبدو أن خوفها تحول وأصبح له معنى اخر،وذاك واضح جداً في نظرات عيونها.
“رفيقة الملك ليست جاريت ، بل السيدة لوسينا،والملك العظيم يود الاستقرار معكِ “.
كان هذا كل ما يمكن أن يقوله توران لها، أما عما إذا كان ملكه في حالة حب أم لا مع غيرها ، فليس لديه ما يقوله بهذا الخصوص، لكن المؤكد هو أن هاكان اختار لوسينا ويريد أن ينجب وريثه منها.
إنها مشاعره العميقة لذا من يدري حقيقتها.
لكن الآن ، حتى لو أخبر لوسينا بماضي هاكان أو مشاعره الدفينة، فإن ذلك سيؤذيها فقط، لكن! تعبير لوسينا كان لا يزال مليئًا بالشكوك، ربما إجابتي غير كافية لها.
“إذا كان قلب الملك مع امرأة أخرى، هل ستستسلمين؟”
“ماذا؟”
“هل ستستسلمين؟”
هل يمكن لامرأة عديمة الفائدة مثلي أن تهزم امرأة مثالية كَـ جاريت؟ حتى لو سألت مائة مرة ، فإن الإجابة ثابتة لا تتغير، ليس لدي الثقة في التغلب على جاريت على الإطلاق. لكنني لم أرغب في التخلي عن هاكان، لأن الشخص الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه الآن كان هو.
لم يكن الأمر أنني أردت الاعتماد عليه بشكل أعمى،حتى الرغبة في الاعتماد عليه مستحيلة مالم تكن هناك عاطفة، فالنساء لا يحاولن الاعتماد على رجل لا يحبونه.
“لن أستسلم”.
عندما هزت لوسينا رأسها في وجه توران ، ومضت عيناه وارتفعت زوايا فمه.
‘إنها تحبُ الملك العظيم’
بدا مهتمًا ، مثل متفرج مستمتع بمسرحية.
“سيدة لوسينا، كان موكبي في طريقه إلى الملك العظيم، هل ترغبين بالذهاب معي؟”
قال توران بابتسامة.
“اجل. ”
أعطت ابتسامة توران لوسينا دفعة من الشجاعة،ولسبب ما صُدم توران لأن لوسينا كانت تحب هاكان، في الحقيقة، لقد ظن انه من المريح لهاكان اتخاد جاريت كرفيقة لأنه ظن انها أحد الخيارات المناسبة ،ولهذا كان يحثه على اختيارها، لكنه ابدا لم يكن منحازا لها ولم يكن دافعه جعلها ملكة.
الآن الأمور تغيرت،لقد أصبح لديه شعور بأن لوسينا ربما يمكنها أن تجعل هاكان سعيدًا، لكن للحظة ، توقف توران الذي كان يسير مع لوسينا فجأة! ونظر إليها بهدوء.
“شعر أبيض ، عيون فضية ، 20 سنة.”
‘أليست مواصفات الفتاة التي طلب مني هاكان أن أبحث عنها في ذلك اليوم هي نفس مواصفات لوسينا؟’
إذا كانت الفتاة تبلغ من العمر 10 سنوات في الماضي،فهي الان تبلغ من العمر 20 عامًا، لو كبرت ستصبح تماما مثلها، ومع ذلك ، لم يشعر بأن لوسينا تمتلك اي قوى، على عكس تلك الفتاة التي كان لديها قوى مقدسة عظيمة تكفي لشفاء التنانين المصابة،ومن ناحية أخرى، لوسينا امرأة تشبه الغزلان الضعيفة، وشخصيتها بسيطة جداً ، لذا هو لا يرى فيها أي شيء مميز.
لو كانت لديها قوة مقدسة ، لما تركت وجهها في تلك الحالة،لذا أنا مخطئ حتما.’
*
فكرت لوسينا كثيرًا وهي في طريقها إلى هكان.
عندما سألها توران عما إذا كانت ستستسلم، ومض عقلها كالصاعقة وتسائلت عما إذا كانت حقيقة مشاعرها اتجاه هاكان، قد أصبحت أكثر وضوحًا!…
في حياتها كلها لم تكن يوما جشعة، لكنها لم ترغب في أن تأخذه امرأة أخرى… قلبها كان ينبض بشدة على حقيقة انها تُكِنُ مشاعر اتجاهه.
‘لنذهب ونكون صادقين.’
ليس لديها مهارة التكلم، ولا تملكُ حتى المقومات اللازمة لجذبه إليها ، لكن يجب عليها ان تقول له بأنها لا تكرهه، وبأنها تحسنت، هل هناك ما هو أقوى من الصدق؟.
وصلنا أخيرًا إلى القصر الرئيسي حيث يوجد هاكان، لم أقابله حتى عندما ذهبت مع تيتي سابقاً ، لكنني أردت حقًا رؤيته هذه المرة،لدي ما أقوله له، وأشعر بالضيق لأنني لم أستطع رؤية وجهه ……. أنا، حقا اشتقت إلى هاكان،أحبه للدرجة التي تدفعني للركض اليه دون قيود، لكنني لا أعرف لماذا أشعر بالخوف كلما اقترب مني،أنا لست معتادة على أن أكون محبوبة ، لذلك لا يمكن لجسدي أن يتبع قلبي .
قاد هاكان حاشيته إلى الخارج.
“توران ، هل أنت هنا؟”
توقفت نظرة هاكان على توران ، ثم انتقلت إلى لوسينا بجانبه، كان بإمكانه أن يسألها ماذا تفعل هنا أو كيف حالها، لكنه ضل صامتًا.
ألا يريد حتى ان يُحيِها؟ دون مزيد من التفكير اقتربت منه لوسينا أولاً.
“هاكان”.
حاولت أن تبتسم، وأن تبدو طبيعية قدر الإمكان.
“لوسينا ، لدي مسألة ملحة.”
شعر بذات الشعور ككل مرة ، لوسينا الشابة بابتسامتها المحرجة للغاية،بدت تماماً مثل تلك الفتاة قبل عشر سنوات…
لكنها لم تكن مضطرة لإجبار نفسها على الابتسام بهذه الطريقة… لقد وصل به الأمر لدرجة الشعور بالحزن عليها ، فما مدى صعوبة الإبتسام لرجل لاتحبه فقط لتجعله مسرورا.
“… … ! ”
اختنقت لوسينا من سلوك هاكان الجاف.
شعرتُ بالإحراج، هل هاكان غاضب أكثر مما كنتُ أعتقد؟ يبدو أن الأمور تزداد سوءًا بيننا، فحتى وقت قريب ، كان لطيفًا معي، لكنه الآن أصبح غير مبال بي لدرجة أنني أشكُ في انه نفسه هاكان الذي اعرفه.
مرة أخرى، وقف توران في الوسط ولم يعرف ماذا يفعل.
“توران ، لقد مضى وقت طويل منذ أن لم أرى أدار،دعنا نذهب.”
تحولت نظرة هاكان بحدة ولم تعد إلى لوسينا مرة أخرى، بدى كمن يتجنبُ امرأة مزعجة.
‘أدار؟ إنه اسم فتاة ، من هي؟’
فكرت لوسينا في هوية صاحبة الإسم الذي ذكره هاكان.
عندها فقط أدركت أن هاكان،ملك البلاد،لذا لماذا قد تعتقد أنه لن يكون لديه امرأة اخرى؟ حتى لو لم تكن هي راغبة ، يمكن للمرأة التي تريده أن تدفئ سريره الكبير الواسع.
عندما وصل تفكيرها لهذه النقطة،كان عليها ان تقول شيئا.
“هاكان!”
قالت وهي تتبع خطاه .
“أنا أحب هاكان … … لا ، أعني هكذا أنا …….”
حاولت أن أتحدث بصدق بطريقتي الخاصة ، لكن عيون هاكان الباردة،جعلتني أبتلع كلامي،لأبدو أمامه وأنا اتلعثم مرة أخرى،كـ امرأة مثيرة للشفقة ..
” تقصدين أنكِ لا تحبين ذلك؟’ ‘
“ماذا؟ أجل.”
“إذا كان الأمر كذلك ، فلست مضطرة للقيام به.”
كره هاكان أعذار لوسينا الواهية،لكنه تمنى لو استطاع قول شيء أخر غير هذا لها، الحقيقة هي أن لوسينا، لم ترتكب أي خطأ،لأنه لا يمكن تغير مشاعر الناس بالقوة … …
استدار هاكان ،وحدقت لوسينا في ظهره بتعبير مدمر.
نظر توران إلى الإثنين بالتناوب، وأعطى تعبيرًا محيرًا، فالأمور لم تسر كما كانت تأمل لوسينا.
عرف هاكان أن لوسينا كانت تقف خلفه ، لكنه لم يتوقف عن المشي،في الأساس لم تكن لديه أي توقعات،فقد بدى له هذا كنوع من الجشع، لهاذا اراد أن يتجنب الأسوأ.
انزعج هاكان من تلويح توران له بشفتيه ليرى ما إذا كان لديها ما تقوله.
” لقد فعلت كل ما قلته لي.”
عنى بهذا أنه عمل بجد ، لذلك عليه أن يتوقف عن التذمر.
“ماذا؟ مالذي تقصده؟”
لقد قام بتعليم هاكان كيفية قضاء ليلة حميمية جيدة ، ولكن هل فعل كل شيء مع لوسينا دون تمهيد؟ هل قام بذلك دفعة واحدة؟
“هناك أمر مهم عليك أن تعرفه، لا تحب كل النساء التباهي مند المرة الأولى”.
“ماذا؟ لماذا كلماتك مختلفة الآن؟ الست انت من قال أن المرأة تصاب بالجنون عندما تستعرض جسدك الرجولي أمامها ؟ ”
‘ إذن ، كيف سيتحمل مسؤولية أن نصائحه أتت بنتيجة عكسية؟’
” جلالة الملك ،خد هذا كمثال لما حصل معك، أي نوع من النساء في العالم هاذه التي ستتحمس مند البداية؟ لا طبعا، إذا هل من الطبيعي أن تخلع ملابسك وتعري نفسك أمامها؟ الحقيقة انك ستبدو في عينيها كوحش يهاجمها، ممارسة الحب لها مراحل،أولها لابد لكَ من ضبط الحالة المزاجية ،عبر الهمس بهدوء ، والتقبيل ، والمداعبة، ومن بعدها تأتي مرحلة خلع الملابس رويدا رويدا ، ولكن بما أنكَ حاولت القيام بذلك دفعة واحدة ، فهذا الأمر بالتأكيد سيكون مؤلما وصادما لها “.
“حسب الحالة المزاجية؟”
توقف هاكان عن المشي وأعطى توران نظرة شرسة.
من الصعب تقبل أن تكون كلماته مختلفة عن المرة الأولى.
“هذا صحيح ، كيف أقولها،هذا يعتمد على نضج العلاقة،علاوة على ذلك ،بمجرد النظر إلى السيدة لوسينا ستدرك انها… … . ”
لم يكمل حديثه لكنه أراد القول،(يمكنك معرفة ذلك بمجرد النظر إليها،لم تختبر رجلاً من قبل، وهي شخص يجد صعوبة في التواصل مع الناس.)
“أنها ماذا؟ ما هو جيد لها وما لا يعجبها، يمكن اكتشافه دون المرور بكل هاذه الخطوات.”.
كل هذا لم يعد ضرورياً، فقد كان من الواضح أن لوسينا لن تصمد طويلاً، لقد دفعته رغبته في إذلال ملكِ بريون إلى اتخاذ قرارٍ متهور بجعلِ لوسينا زوجة له دون الالتفات لواقع انها ستتضرر، وحتى لو كانت كلمات توران صحيحة،فهي لم تغير الشيء الكثير.
اثناء الجدال مع توران، توقف الجميع أمام كهف كبير وبجانبه( كوزيك) كوخ صغير.
{كوزيك=كوخ}
“يبدو أن ادار ليست هنا، لا اثر للوصيفات ايضا”.
قال توران، وهو يتفحص الكوخ. .
“أين هم الآن ؟”
أطلق هاكان تنهيدة كبيرة،تنم عن انزعاجه.
فبعد وفاة لايكان، سجنت ادار نفسها في(كوزيك) طوال الوقت،لكن هاهي الآن تخرج منه بعد عشر سنوات،وعلى الرغم من أن هاكان كان يزورها على الدوام ، إلا أنها لم تخرج بمفردها أبدًا ، ولسبب ما شعر بالسوء.
*
“هل كُنتُ متسرعة جدا ؟”
لم تفكر في الأمر حتى، لكنها أرادت أن توصل صدق مشاعرها إلى هاكان ، لكن يبدو أنه أساء فهمها لأنها حاولت التحدث على عجل.
لم تستطع لوسينا حتى أن تتذكر كيف وصلت إلى القصر،فبعد مراقبة ظهر هاكان حتى اختفى في الأفق ، تمكنت من اتخاذ خطوة العودة.
“سيدة لوسينا!”
كانت تلك تيتي التي جاءت وفي يديها مجموعة من الأغراض، للوهلة الأولى، بدا وكأنها تحمل صندوقا مليئًا بالأقمشة والمجوهرات.
ركضت لوسينا مباشرة وأخدتها من تيتي.
“لا بأس سيدتي.”
“لا.سأساعـ… …دك.”
“في الحقيقة هناك مشكلة كبيرة، فهاذا هو النسيج الوحيد المتبقي، لقد اخدت وصيفات وخادمات السيدة جاريت الحرير والجواهر الجديدة “.
“لا أهتم… . ”
أجابت لوسينا بلا مبالاة لكنها توقفت عن الكلام عندما رأت القماش الذي كانت تُمسكه تيتي، فمهما كانت غير مبالية بهذه الأمور ، ألا ان اللون الأسود لم يكن مناسبا بتاتا لحضور مأدبة احتفال، ففي بلدها بريون ،الملابس السوداء هي تعبير عن الحزن ويتم ارتداؤها عند وفاة شخصٍ ما كحداد، وكان الأمر نفسه في تيار، وأيضًا لدى البلدان الأخرى.
انفجرت تيتي بالبكاء، وغمغمت من بين شهقاتها:
“من قد يرتدي اللون الأسود في المأدبة؟”
كانت تلوم نفسها لأنها لم تستطع جلب الأشياء الجيدة والنفيسة، ولهاذا السبب لن تقدر على صنع ملابس جميلة لسيدتها التي قد لا تتمكن حتى من حضور الحفل.
“أوه،لا تبكي تيتي”
كانت لوسينا مشغولة بتهدئة تيتي التي تبكي بحزن ، ربما تعتبر نفسها خادمة غير كفؤة على الرغم من بذلها قصارى جهدها.
“حسنا! ماذا لو كانت سوداء؟ طالما أن الملابس جميلة! ”
صوت غير مألوف جاء لينتشلهن مما هم فيه، نظرت لوسينا وتيتي حولهما في دهشة.
وقفت امرأة مسنة أمامهم مباشرة، بدت من هيئتها انها قد تجاوزت سن الستين بكثير.
“أخواتي ، هل يمكنني مساعدتكن؟”
قالت المرأة الغريبة وهي تضحك بخفة،قبل أن تقترب لتفحص القماش.
“من انتِ… ؟ ”
اكتفت المرأة العجوز بالابتسام على سؤال لوسينا لكنها لم تجبها .
نهاية الفصل السادس عشر.
ترجمة/ انفاس الفجر
دمتم بود زمرداتي💕 واعتذر عن التأخير بسبب ضغط العمل وكتعويض هناك فصول اخرى في الطريق❤️❤️

التعليقات